إن
الحرية هي القدرة على تجاوز كل إكراه داخلي متمثل في الضغط النفسي أو خارجي متمثل
في قوانين المجتمع أو قوانين أخرى ، أو هي قدرة الإنسان على فعل ما يشاء . لكن إذا كان اتفاق الدارسين واردا حول ضبط
المفهوم فإن اختلافهم قد سجل حول حقيقة الأفعال بين الاختيار والقيد ،
حيث أكد البعض منهم على وجود الحرية المطلقة انطلاقا من إيمانهم بضرورة وجودها ما
دامت شرطا للمسؤولية ، في حين أكد البعض الآخر أن أكبر وهم يعيشه الفرد
هو الاعتقاد بأنه حر. لذا فهل
الإنسان مسير مجبر أم مخير حر ؟
البرهنة:
الإنسان حر حرية مطلقة، لأن شعوره يثبت ذلك، وهذا
ما أكده المفكر الفرنسي روني ديكارت، حيث
أشار أن الحرية إدراك لا برهان ، ولا أحد يستطيع إثباتها أكثر من الشعور
بها. ويذهب بوسوي نفس المذهب فيقول:"كلما أبحث في
نفسي عن القوة التي تقيدني كلما أشعر أنه ليس قوة غير إرادتي...ومن هنا أشعر شعورا
واضحا بحريتي".
المعتزلة: " يحس الإنسان من نفسه وقوع الفعل حسب
الدواعي والصوارف ، فإن أراد الحركة تحرك وإن أراد السكون سكن ، " المعتزلة. ((فالخالق ........ خلق الإنسان ، منحه
القدرة على التمييز، ثم منحه القدرة على الاختيار ليحاسبه في حدود اختياره.)
يقول أفلاطون " إن البشر يخطئون حين يتهمون القضاء والقدر .......
إن الله بريء وهم المسؤولون عن اختيارهم الحر"
.الإنسان ليس مقيدا، لأن الاعلان العاملي لحقوق الانسان
صرح " يولد الناس جميعهم أحرارا وقد وهبوا عقولا
وضمائر....".
وفي مخاطبة عمر
بن الخطاب لوالي مصر عمر بن العاص، قال الفاروق:" متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.
أكدت
الوجودية لجون بول سارتر أن الإنسان لا يوجد أولا ليكون بعد ذلك حرا، وإنما وجد
حرا ثم إنسانا يقول: " ليس على الإنسان إلا أن
يختار، حتى وإن اختار عدم الاختيار".
ويقول أيضا : "لسنا أحرارا فقط بل حكم علينا بالحرية".
أما
المعتزلة فيقولون:
"أنه معلوم أن الله يحب الإيمان،
ولا يرضى الفساد,,,,, وعلى ذلك يكون كل ما في الوجود من معاص واقعاً بدون مشيئته
وإرادته ,,,، فلا يكون الله عندهم مريداً لغير ما أمر به"
النقد: لكن تجربة
الشعور لا تكفي لإثبات الحرية، بل الشعور فقط يوهم الذات بحريتها مثلما كان
يوهمها أنها على صواب رغم وقوعها في الخطأ.
وهذا ما أكده سبينوزا بقوله: "يعتقد الناس أنهم أحرار لجهلهم
الأسباب التي تدفعهم إلى الفعل ، فيعتقد الطفل الخائف اعتقادا خاطئا
بأنه حر في الهروب ، نفس الاعتقاد نجده عن
الحجر لو كان له شعورا، أي أنه حر في السقوط". إن خالق الكون حقا جعل
الإنسان حرا في الاختيار، لكن اختيار فيه قيد، فإما إتباع الأوامر أو تلقي العقاب،
2 - نقيض القضية: الإنسان مقيد.
البرهنة:
و كذا بحتمية بيولوجية، فهو لم يختر قسمات الوجه أو البنية التي يريدها، بل
فرضت عليه من منطلق المحددات الوراثية. هو لم يحدد مزاجه، لأن ذلك مرتبط بقوانين
الطبع و إفرازات الغدد، وهذا ما أثبته عالم الوراثة مورغان بقوله "
إننا نعيش تحت رحمة غددنا
الصماء."
الإنسان
مقيد بسلطة الحتمية النفسية، لأنه تصدر عنه جملة من السلوكات اللاشعورية
التي تعد نتيجة لجملة من الرغبات المكبوتة المخزنة في ساحة اللاوعي، فالفرد مقيد بالسهو، النسيان، الحلــــــــم ، فلتات
اللسان وزلات القلم ...و
هذا ما استنتجه سيغموند فرويد، إذ
·
الحتمية الاجتماعية الإنسان و بمجرد ولادته يجد نفسه مرتبطا بأسرة
، بمجتمع، بثقافة وحضارة محددة، فيصبح سلوكه خاضعا لشروط يحددها
المجتمع (الحتمية الاجتماعية) الذي يعيش فيه.
وهو ما دفع إيميل دوركايم إلى
القول :"إن سلوك الفرد خاضع لشروط يمليها العقل الجمعي".
·
الجبرية مجرد ريشة في مهب الريح
والأقدار تفعل به ما تشاء، يقول جهم بن صفوان:" إنه لا فاعل في الحقيقة إلا الله
وحده وإنه هو الفاعل، وإنما تنسب الأفعال إلى الناس على سبيل المجاز".
النقد: على الرغم من أهمية هذا الطرح إلا أنه لا يمكن التصديق بما ذهبوا إليه، لأن الإنسان ليس عبدا لرغباته أو شيئا من الأشياء، بل هو كائن عاقل له اختياراته، إن نفي الحرية هو نفي للمسؤولية، لكن مادام الإنسان مسؤولا، فإن الإقرار بالقيد باطل.المجتمع لا يقيد الإنسان، بل يفتح له دوما فرص التحرر.كل هذا يعني أنه للقضية تفسيرا آخر.
3- التركيب: وكتوفيق
بين الطرحين يمكن القول أن الإنسان ليس حر حرية مطلقة، كما أنه لا يمكن الجزم على
أنه مقيد لدرجة اعتباره مجرد آلة في يد الزمان يفعل فيه ما يشاء ، بل أفعاله وسط
بين الجبر والاختيار وأفضل تعبير على هذا ما أكده أبو الحسن الأشعري حين قال أن أفعال الإنسان لله خلقا وإبداعا وأنها للإنسان كسبا ووقوعا .
بل إن حرية الانسان نسبية و هو في سعي دائم من أجل التحرر عن طريق العلم و العمل
إذ أن كل تقدم للحضارة هو خطوة نحو التحرر .
I - الخاتمة : (حل المشكلة) ختام القول يمكن التأكيد أن الإنسان ليس حرا حرية مطلقة، بل يخضع في حالات عدة إلى جملة من القيود و هو في سعي دائم من أجل التحرر منها، و قيده غالبا ما يكون في تكوينه و ما يحيط به أما حريتة فهي مرتبطة بأفعاله، لأنه امتلك القدرة على الاختيار و المفاضلة بين الأفعال حتى يكون مسؤولا عن هذا الاختيار، وحرية الفرد تتسع عند استثماره لعنوان انفراده من أجل ما يخدم وجوده ، لأنه كلما كانت سلوكاتنا أكثر مطابقة للعقل، كانت حريتنا أوسع، وكلما كان خضوعنا لأهوائنا أشد، كانت عبوديتنا أعظم.
هناك تعليق واحد:
Nuggets Odds Tonight & Online | LegalBet.co.kr カジノ シークレット カジノ シークレット 온라인카지노 온라인카지노 11bet 11bet 444victor prediction banker of the day
إرسال تعليق