22 أبريل، 2021

هل العادة أم الإرادة تحقق التكيف مع الواقع؟

مقدمة:وطرح الاشكال

 يعتمد الإنسان في تكيفه مع الوسط الطبيعي والاجتماعي على آليات متعددة كالسلوك الاعتيادي والسلوك الإرادي .

وإذا كانت العادة هي قدرة مكتسبة على أداء عمل بطريقة آلية مع الدقة والسرعة واقتصاد في الجهد بينما الإرادة عملية نفسية عقلية تعني أن يتخذ العقل قرارا متدبرا يهدف إلى حسم الصراع القائم بين مجموعة من الميول فإن ما أثار الخلاف والجدل بين الفلاسفة أيهما يحقق التكيف مع الواقع ،فهناك من يرده إلى العادة وهناك من يرده إلى الإرادة.

والإشكال المطروح هنا أيهما يخدم التكيف ويجسده على ارض الواقع العادة أم الإرادة؟ أو بصيغة أخرى هل العادة أم الإرادة تحقق التكيف مع الواقع؟وماهي الحجج لذلك؟

العرض ومحاولة حل الاشكالية

الموقف الاول

  يرى انصار هذا الاتجاه ان العادة  هي الوسيلة الاساسية للتكيف مع المجتمع واكتسابها ناتج عن أعمال لها الأثر الكبير في تنظيم المجتمع وتأقلم الفرد مع محيطه الذي ينتمي إليه هذا يعني أن العادة تؤدي إلى التكيف مع المجتمع من خلال ما تقدمه للفرد من خدمات .

وقد تحججوا بأدلة واقعية حيث أن العادة  تكسب الفرد الخبرة والفاعلية في أداء أعماله ذلك أن العمل في أوله صعبا وشاقا،ومع التعود يصبح آليا وسهلا  ،كما أن العادة تساهم في سرعة الانجاز والإتقان وتوفر الجهد،وكذا الاقتصاد في الوقت ،ثم إن العادة تغرس في الإنسان المبادئ التربوية الحميدة في سن الطفولة فالطفل يكتسب أكثر من عادة بالتقليد والتعود والتدريب فالتعود على أمر يساهم في تعلم آخر فمثلا ان تتعلم قيادة الدراجة الهوائية يُسهل ركوب دراجة نارية. ثم أن العادة تحرر المراكز العصبية من الانتباه المستمر لموضوع واحد وتوفر الجهد الإداري ككتابة كلمة على الحاسوب والتحدث مع شخص آخر،

 النقد: بالرغم من كل ما سبق إلا أن هذا غير كاف في إحداث عمليات التكيف مع الواقع فهي تشل إرادة الإنسان فتصيبه بالجمود والآلية كما يقول الشاعر الفرنسي بودرو ولهذا نجد روسو يقول كما أنها تلغي فاعلية العقل في التكيف.

الموقف الثاني

  يرى انصار هذا الاتجاه ان الإرادة مصدرها العقل ولذلك فهي التي تحقق التكيف مع المجتمع أكثر ولا يمكن أن تتحقق بالعادة إذ تجعل الإنسان قادرا على تحمل الصعاب والتعب والإرهاق من اجل بلوغ الهدف المنشود وأيضا الإيمان بالنفس ويقدمون حججا واقعية منها أن  التلميذ ضعيف الإرادة لا يصل إلى النجاح لأنه يظن انه لا يستطيع الدراسة; وتساهم الإرادة في تنظيم الأفكار فالإرادة الصحيحة تعتمد على قوة الأفكار وتنظيمها يقول كونفويشيوس أن أعظم الرجال هم الذين لهم القدرة على السيطرة على عواطفهم وإرادة أنفسهم، ،ثم إن الإرادة تخرجنا من الملل والروتين والتحجر من خلال الوعي بأفعالنا فتساهم في التكيف مع المواقف الطارئة .

النقد: بما أن الإرادة ليست وحيا ولا سلوكا موروثا،فإنما هي نشاط وقرارات ناتجة عن التربية وعليه إذا كانت هذه الأخيرة سيئة فإنها منقوصة تؤدي إلى الاضطراب في السلوك والعجز عن تحقيق الأهداف.

التركيب:

إن تحقيق التكيف مع الواقع لا يتم إلا بإحداث التوافق والتوازن بين العادة والإرادة فالعلاقة بينهما علاقة تكامل في خدمة الإنسان،فالعادة تكسب الإنسان المرونة والفاعلية والإتقان والإرادة تسيرها وفقا لأوامر العقل ومتطلباته

. الخاتمة:

إن تكيف الإنسان مع الطبيعة والمجتمع لا يتم له بالعادة وحدها أو بالإرادة وحدها فهما يشكلان مرتكزا يؤسس عليه الإنسان وينطلق منه في التكيف مع الواقع المحيط به.

 

 

 

 


ليست هناك تعليقات: